البيئةدراسات إسلامية

التوازن البيئي وسبل تحقيقه من منظور الفكر الاسلامي

التوازن البيئي وسبل تحقيقه من منظور الفكر الاسلامي

Description: التوازن.jpg

ظهرت المفاهيم البيئية في النظريات الوضعية الراسمالية حديثا نتيجة ما تسببته الرأسمالية من استنفاذ للموارد الطبيعية بشكل سريع خطير وأهلكت التوازن البيئي بما تحدثه من تلوث للهواء والماء والتربه وطبقة الاوزون مما دعي الدول المتقدمة والنامية الي عقد المؤتمرات المتعلقة بالبيئة لتصحيح الاثر السلبي لتطبيق النظريات الوضعية التي اعتمدت علي الحرية المطلقة للفرد دون اعتبار للاثار البيئية والمجتمعية ,واهمهما هي قمة الارض في مؤتمر ريودي جانيرو  بالبرازيل 1992 م ورغم النتائج الجيدة والتوصيات الهامة ولكنها لم تنجح في تحقيقها بشكل فاعل . وهنا نبرز الدور الاصيل للفكر الاقتصادي الاسلامي في التعريف بالمسئولية الاجتماعية واهمية الحفاظ علي القيم البيئية والتوازن البيئي بشكل متكامل ومتناسق وبفاعلية مستمدة من الضوابط الشرعية والاحكام المستمدة من التشريع الاسلامي . فبداية التوازن البيئي يشكل واحدة من الركائز التي بني عليها علم البيئة الحديث ,والتوازن لا يعني ان يدرك كوضع سكوني مستقر يسود داخل النظم البيئية فحينما يتم الحديث عن التوازن فان الامر يتعلق بوضع حركي مستمر ناتج عما يقوم من علاقات وتفاعلات بين مكونات النظام البيئي , فالتوازن يعني قدرة ذاتية علي التنظيم والتجديد تشترك فيها كل مكونات البيئة من هواء وماء وتربة وحيوانات ونباتات بكافة اشكالهم .وهنا سوف نوضح ان الشريعة الاسلامية قد ابرزت كيفية القيام بالتوازن البيئي من خلال الايات و الدلالات القرانية فقد قال الله تعالي (انا كل شئ خلقناه بقدر) ويقول تعالي (وانبتنا فيها من كل شئ موزون ) فالتوازن كفله الله للانسان لاجل مساعدة الانسان في تحقيق عمارة الارض وتنميتها ولذلك ضبط  ونظم السلوك الانساني بضوابط الشرع كالتالي

قال تعالي ((واحسن كما احسن الله اليك ولا تبغ الفساد في الارض ان الله لايحب المفسدين)) وهذا دليل واضح علي ضرورة الاصلاح في الارض واعمارها والاحسان اليها في كافة صور التعامل والاستغلال  وقد نهي الله عن الافساد في ارض بكافة الطرق والاشكال ومنها الاسراف والتبذير في جميع اعمالنا واستغلالنا للموارد الطبيعية فقال تعالي ((وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لايحب المسرفين )) فهذا نهي عام لكل انواع الاسراف في الارض (فالعبرة في النص القراني  بعموم اللفظ لا بخصوص السبب) وهذه دعوة صريحة للاعتدال والتوازن في تعاملات الانسان في حياته ومع بيئته . فالتنمية الشاملة لا تتحقق فقط بالنمو الاقتصادي وتجاهل الانسان للبيئة ومسئوليته الاجتماعية, مما ادي الي فساد الارض واتلافها بما يهدد البشرية قاطبة . فقد بين الله سبب الفساد في الارض في كتابه العزيز فقال تعالي ((ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون)) فبين سبحانه السبب وكيفية العلاج فالسبب فعل الانسان الموصوف بالتبذير والاسراف والانانية والنظرة المادية والربح والثراء واهمال القيم البيئية التي أرستها الشريعة الاسلامية وبين ان رجوع الانسان الي تطبيق المبادئ والقيم البيئية الثلاث يحقق الاصلاح وهذه القيم هي 1- قيم المحافظة علي البيئية 2- قيمة الاعتدال والتوازن في الاستغلال 3- القيم الجمالية في البيئة وهذه المبادئ والقيم قد تناولتها الايات القرانية والاحاديث النبوية  .  فنري دعوة الاسلام الي التامل والتفكر في الايات والطبيعة وكيف سخرها الله للانسان وهذه من القيم الجمالية فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم (ان الله جميل يحب الجمال) وهذا من مقتضاه المحافظة علي البيئة وتنميتها وتطوير وسائل استغلالها بعدل دون اسراف او تبذير وان يراعي الانسان مصلحته ومصلحة الاجيال القادمة فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (ان قامت الساعة وفي يد احدكم فسيلة فان استطاع ان لا تقوم حتي يغرسها فليغرسها) صححه الالباني وهذه دعوة صريحة لكل انسان مسلم ان يعمل لنفسه ولغيره وان ينمي بيئتة بالعمل النافع وان لايغفل لحقوق الاجيال القادمة في الحياة الكريمة والتنمية الرشيدة المستدامة الشاملة وان نحيي الارض بالزراعة وان نحافظ علي الموارد المائية والاراضي ونحييها وان يحب الانسان لاخيه ما يحبه لنفسه مما يدعوه الي تبني جميع اشكال الطهارة والنظافة والاستغلال الامثل للموارد والحفاظ علي البيئة. وهذا المنهج الرباني رسم خريطة شاملة وحقيقية لتحقيق التوازن البيئي الذي يستمد قوته من عقيده المسلم والاحكام الشرعية بجانب التعامل المنظبط و المتوازن في جميع افعال الانسان مع البيئة تحقيقا لمبدا الاستخلاف في الارض وهذا النظام الفريد المتكامل لن يستطيع ان يحققه اي نظام وضعي اسس علي النظرة المادية والمنفعة الخاصة والحرية المطلقة للفرد  وعدم النظر الي المجتمع او البيئية الا من منظور الربحية البحتة , مما ادي الي نشاة الاختلالات المهددة للتوازن البيئي الذي قدره الخالق سبحانه وتعالي .وهنا نوصي بضرورة تبني التربية البيئية وفق المبادئ الاسلامية والقواعد الربانية  لانها هي السبيل الوحيد والشامل لتحقيق التوازن والحفاظ علي نعم الله تعالي التي انعم بها عليها في هذا الكون  البديع قال تعالي ((الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير )) .

 

 

 

تامر السنباطي

نائب المدير المالي في شركات مقاولات ريج كلية التجارة قسم المحاسبة و باحث في علم الاقتصاد وعلوم الادارة .محب للقراءة والنشر العلمي ونفع الناس والله اسال ان يرزقني الاخلاص وان يزدني علما ويجعلني ممن تعلم العلم وعلمه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى